فصل: النَّظَرُ الثَّانِي فِي الْمُذَكَّى:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.كِتَابُ الذَّبَائِحِ:

وَالنَّظَرُ فِي الْمُذَكِّي وَالْمُذَكَّى وَالْمُذَكَّى بِهِ وَصِفَةِ الذَّكَاةِ:

.النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي الْمُذَكِّي:

قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ: سِتَّةٌ لَا تَجُوزُ ذَبَائِحُهُمْ وَسِتَّةٌ تُكْرَهُ وَسِتَّةٌ مُخْتَلَفٌ فِي جَوَازِ ذَبَائِحِهِمْ.
فَالْأول:
الصَّغِيرُ الَّذِي لَا يَعْقِلُ وَالْمَجْنُونُ حَالَةَ جُنُونِهِ وَالسَّكْرَانُ الَّذِي لَا يَعْقِلُ وَالْمَجُوسِيُّ وَالْمُرْتَدُّ وَالزِّنْدِيقُ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ: وَالثَّانِيَةُ الصَّغِيرُ الْمُمَيِّزُ وَالْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى وَالْخَصِيُّ وَالْأَغْلَفُ وَالْفَاسِقُ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلِ النَّظَرُ إِلَى أَنَّ ضَعْفَ طَبْعِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ يَمْنَعُ مِنْ وُقُوعِ الذَّكَاةِ عَلَى وَجْهِهَا وَمُشَابَهَةَ الْخَصِيِّ بِهِمْ وَنَقْصَ الْآخَرِينَ مِنْ جِهَةِ الدِّينِ أَوْ أَنَّ الْقَصْدَ وَالْفِعْلَ مِنَ الْجَمِيعِ مُمْكِنٌ فَتَصِحُّ وَالثَّالِثَةُ تَارِكُ الصَّلَاةِ وَالسَّكْرَانُ الَّذِي يُخْطِئُ وَيُصِيبُ وَالْمُبْتَدِعُ الْمُخْتَلَفُ فِي كُفْرِهِ وَالنَّصْرَانِيُّ الْعَرَبِيُّ وَالنَّصْرَانِيُّ الذَّابِحُ لِمُسْلِمٍ بِأَمْرِهِ وَالْعَجَمِيُّ يُجِيبُ إِلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ الْبُلُوغِ هَذَا كُلُّهُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَفِي الْكِتَابِ تَصِحُّ ذَكَاةُ الْمَرْأَةِ وَالْكِتَابِيِّينَ رِجَالهمْ وَنِسَائِهِمْ وصبيانهم وَالْمَرْأَة أولى مِنْهُم يكره أَكْلُ مَا ذَبَحَهُ الْكِتَابِيُّ لِكَنِيسَةٍ أَوْ عِيدٍ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ فِسْقًا أهل لغير الله لَهُ} الْأَنْعَام 145 قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ مَا سَمَّوْا عَلَيْهِ الْمَسِيحَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمَا ذَبَحُوهُ فَوَجَدُوهُ حَرَامًا عَلَى أَصْلِهِمْ كَرِهَهُ مَالِكٌ ثُمَّ أَجَازَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَا لَا يَسْتَحِلُّونَهُ لَا يُؤْكَلُ كَذِي الظُّفْرِ وَهُوَ الْإِبِلُ وَالنَّعَامُ وَالْبَطُّ مَا لَيْسَ مَشْقُوقَ الْأَصَابِعِ خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ طَعَامِهِمْ وَكَرِهَ مَالِكٌ ذَبَائِحَهُمْ وَالشِّرَاءَ مِنْهُمْ وَأَمَرَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ان يقاموا مِنْ أَسْوَاقِنَا كُلِّهَا الْجَزَّارُونَ وَغَيْرِهِمْ وَتُؤْكَلُ ذَبِيحَةُ الْأَخْرَسِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَاخْتُلِفَ فِي شُحُومِ ذَبَائِحِ الْكِتَابِيِّ فَحَرَّمَهُ مَرَّةً لِأَنَّهُ حَرَامٌ عَلَيْهِمْ وَجَعَلَ الذَّكَاة تتبعض بِاعْتِبَارِهِ قِيَاسا على الدَّم وَأَجَازَهُ مرّة لِأَن الذَّكَاة لَا تتبعض فِيمَا هُوَ قَابل وَاخْتُلِفَ فِي ذِي الظُّفْرِ كَالشَّحْمِ وَأَبَاحَهُ ابْنُ حَنْبَل وَقيل يجوز الشَّحْم بخلافة لِأَن الزَّكَاة لَا تَتَبَعَّضُ وَقَالَ أَشْهَبُ كُلُّ مَا نَصَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى تَحْرِيمِهِ كَذِي الظُّفْرِ وَالشُّحُومِ حُرِّمَ عَلَى الْمُسْلِمِ بِخِلَافِ مَا حَرَّمُوهُ هُمْ وَمَنَعَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَبَاحَهَا ابْنُ وَهْبٍ نَظَرًا إِلَى نسخ ذَلِك ويؤكل جلّ السحوم لما فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ معقل أصبت جرة شَحْمٍ يَوْمَ خَيْبَرَ فَالْتَزَمْتُهُ وَقُلْتُ وَاللَّهِ لَا أُعْطِي الْيَوْمَ مِنْ هَذَا أَحَدًا شَيْئًا فَالْتَفَتُّ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتبسما وَفِي الْجَوَاهِر يجوز ذَبِيحَة السامرية وهم صنف من الْيَهُود وَالْمَشْهُور من مَذْهَب ملك كَرَاهَته الشحوم والصابئة يُنْكِرُونَ بَعْثَ الْأَجْسَامِ وَلَا تَجُوزُ ذَبِيحَةُ مَنْ لَيْسَ بِكِتَابِيٍّ وَلَا الصَّابِئَةِ الْمُعْتَقِدَةِ تَأْثِيرَ النُّجُومِ لِأَنَّهُمْ كَالْمَجُوسِ وَهَذَا كُلُّهُ إِذَا بَاشَرْنَا الذَّكَاةَ أَمَّا إِذَا غَابَ الْكِتَابِيُّ عَلَى ذَبِيحَتِهِ فَإِنْ عَلِمْنَا اسْتِحْلَالَهُمْ لِلْمَيْتَةِ كَبَعْضِ النَّصَارَى أَوْ شَكَكْنَا لَمْ نَأْكُلْ وَإِنْ علمنَا تذكينهم أَكَلْنَا قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ أَكْرَهُ قَدِيدَ الرُّومِ وَجُبْنَهُمْ وَجُبْنَ الْمَجُوسِ لِأَجْلِ مَا فِيهِ مِنْ إنفحة الْميتَة تَنْبِيه كراهيته يَنْبَغِي أَن تحمل عَلَى التَّحْرِيمِ بِدَلِيلِ كَرَاهِيَتِهِ لِجُبْنِ الْمَجُوسِ وَهِيَ مُحرمَة وَلَا يخْتَلف اثْنَان مِمَّن يُسَافر أَن الافرنج لَا تَتَوَقَّى الْمَيْتَةَ وَلَا تُفَرِّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الذَّكِيَّةِ وَأَنَّهُمْ يَضْرِبُونَ الشَّاةَ حَتَّى تَمُوتَ وَقِيذَةً بالعصا وَغَيرهَا ويسلون رُؤْس الدَّجَاجِ مِنْ غَيْرِ ذَبْحٍ وَهَذِهِ سِيرَتُهُمْ وَقَدْ صَنَّفَ الطَّرْطُوشِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي تَحْرِيمِ جُبْنِ الرُّومِ كِتَابًا وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ فَلَا يَنْبَغِي لِمُسْلِمٍ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ حَانُوتٍ فِيهَا شَيْء مِنْهُ لِأَنَّهُ ينجس الْمِيزَان وَالْبَائِع والآنية.
فَرْعٌ:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَةُ الْغُلَام إِذَا ارْتَدَّ إِلَى أَيِّ دِينٍ كَانَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَتُؤْكَلُ ذَبِيحَةُ النَّصْرَانِيِّ الْعَرَبِيِّ وَالْمَجُوسِيِّ إِذَا تنصر.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ تُؤْكَلُ ذَبِيحَةُ مَنْ أَبُوهُ كِتَابِيٌّ وَأُمُّهُ مَجُوسِيَّةٌ لِأَنَّ الْوَلَدَ تَابِعٌ فِي الدِّينِ لِأَبِيهِ وَقَالَ أَبُو تَمَّامٍ فِي تَعْلِيقِهِ قَالَ مَالِكٌ لَا تُؤْكَل ذَبِيحَة من أَبوهُ محوسي أَوْ وَثَنِيٌّ وَقَالَ ح يَجُوزُ إِذَا كَانَتْ أمة كِتَابِيَّةً لِأَنَّ الْعِبْرَةَ عِنْدَهُ فِي الدِّينِ بِالْأُمِّ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ مَنْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ لَا تَصِحُّ ذَكَاتُهُ تَغْلِيبًا لِلْحُرْمَةِ.

.النَّظَرُ الثَّانِي فِي الْمُذَكَّى:

وَفِي الْجَوَاهِرِ الْحَيَوَانُ كُلُّهُ يَقْبَلُ الذَّكَاةَ وَتَطْهُرُ بِهَا جَمِيعُ أَجْزَائِهِ لَحْمِهِ وَعَظْمِهِ وَجِلْدِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ كَالسِّبَاعِ وَالْكِلَابِ وَالْحُمُرِ وَالْبِغَالِ إِلَّا الْخِنْزِيرَ فَإِنَّ تَذْكِيَتَهُ ميتَة لغلط تَحْرِيمِهِ وَقَالَهُ ح وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ كَذَلِكَ.
تَنْبِيهٌ:
أَلْحَقَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ الْحُمُرَ بِالسِّبَاعِ وَفِي الْكِتَابِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ يُصَلَّى عَلَى جِلْدِ السِّبَاعِ إِذَا ذُكِّيَ وَلَا يُصَلَّى عَلَى جِلْدِ حِمَارٍ وَإِنْ ذُكِّيَ وَتَوَقَّفَ فِي الْكَيْمَخْتِ وَتَرْكُهَا أَحَبُّ إِلَيْهِ وَكَذَلِكَ فِي آخِرِ كِتَابِ الْأَضَاحِيِّ نَصَّ عَلَى طَهَارَةِ جُلُودِ السِّبَاعِ وَلَمْ يَذْكُرِ الْكِلَابَ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْحَيَوَانُ ثَلَاثَةٌ بَرِّيٌّ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ لَا تَحِلُّ إِلَّا بِالذَّكَاةِ وَبَحْرِيٌّ لَا حَيَاةَ لَهُ فِي الْبَرِّ يَحِلُّ مِنْ غَيْرِ ذَكَاةٍ وَبَرِّيٌّ لَيْسَ لَهُ نفس سَائِلَة وبحري يعيس فِي الْبَرِّ اخْتُلِفَ فِيهِمَا قَالَ مَالِكٌ مَا لَا دَمَ لَهُ كَالْعَقْرَبِ وَالْخُنْفُسَاءِ وَالزُّنْبُورِ وَالسُّوسِ والدود وَالذُّبَابِ وَسَائِرِ الْحَشَرَاتِ ذَكَاتُهُ ذَكَاةُ الْجَرَادِ إِذَا احْتِيجَ إِلَى دَوَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ هِيَ كَدَوَابِّ الْبَحْرِ لَا تَنْجُسُ فِي نَفْسِهَا وَلَا تُنَجِّسُ وَقَالَ مُطَرِّفٌ لَا يَحْتَاجُ الْجَرَادُ إِلَى ذَكَاةٍ لِأَنَّ عَامَّةَ السَّلَفِ أَجَازُوا أَكْلَ مَيْتَةِ الْجَرَادِ وَفِي الْكِتَابِ لَا يَحْتَاجُ فَرَسُ الْبَحْرِ إِلَى ذَكَاةٍ وَإِنْ كَانَ لَهُ رَعْيٌ فِي الْبَرِّ وَلَا بُدَّ مِنْ تَذْكِيَةِ طَيْرِ الْمَاءِ خِلَافًا لِعَطَاءٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَهَلْ يَجْرِي فِي ذَكَاةِ مَا لَيْسَ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ مَا عَدَا الْجَرَادَ الْخِلَافُ الَّذِي فِي ذَكَاةِ الْجَرَادِ أَوْ يَفْتَقِرُ إِلَى الذَّكَاةِ قَوْلًا وَاحِدًا طَرِيقَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ.
قَاعِدَةٌ:
الذَّكَاةُ شُرِعَتْ لِاسْتِخْرَاجِ الْفَضَلَاتِ الْمُحَرَّمَاتِ مِنَ الْأَجْسَادِ الْحَلَالِ بِأَسْهَلِ الطُّرُقِ عَلَى الْحَيَوَانِ فَمَنْ لَاحَظَ عَدَمَ الْفَضَلَاتِ مِمَّا لَيْسَ لَهُ نَفْسٌ وَجَعَلَهَا أَصْلًا وَإِرَاحَةَ الْحَيَوَانِ تِبَعًا أَجَازَ مَيْتَتَهُ وَمَنْ لَاحَظَ شَرْعِيَّةَ زُهُوقِ الرُّوحِ وَجَعَلَهُ أَصْلًا فِي نَفْسِهَا لَمْ يُجِزْهَا.
قَاعِدَةٌ:
النَّادِرُ مُلْحَقٌ بِالْغَالِبِ فِي الشَّرْعِ فَمَنْ لَاحَظَ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ أَسْقَطَ ذَكَاةَ مَا يَعِيشُ فِي الْبَرِّ مِنْ دَوَابِّ الْبَحْرِ نَظَرًا لِغَالِبِهِ وَمَنْ لَاحَظَ الْقَاعِدَةَ الْأُولَى وَأَنَّ مَيْتَةَ الْبَحْرِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ لَمْ يُسْقِطْهَا وَيُؤَيِّدُهُ قَوْله تَعَالَى {حرمت عَلَيْكُم الْميتَة} أَوْ يَحْمِلُهُ عَلَى سَبَبِ وُرُودِهِ وَهُوَ الْمَيْتَةُ الَّتِي كَانُوا يَأْكُلُونَهَا مِنَ الْبَرِّ وَيَقُولُونَ تَأْكُلُونَ مَا قَتَلْتُمْ وَلَا تَأْكُلُونَ مَا قَتَلَ اللَّهُ فَائِدَةٌ النَّفْسُ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ لِأُمُورٍ أَحَدُهَا الدَّمُ لِقَوْلِهِ:
تَسِيلُ عَلَى حَدِّ الظِّبَاتِ نُفُوسُنَا ** وَلَيْسَ عَلَى غَيْرِ الظِّبَاتِ تَسِيلُ

وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُهُ فِي بَابِ النِّفَاسِ وَالْحَيْضِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ لَا يُصَلَّى عَلَى جِلْدِ حِمَارٍ وَإِنْ ذُكِّيَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّ الذَّكَاةَ لَا تَعْمَلُ فِيهِ لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْهُ وَهُوَ خِلَافُ نَقْلِ الْجَوَاهِرِ.
فَرْعٌ:
قَالَ اللَّخْمِيُّ تَصِحُّ ذَكَاةُ الْمَرِيضَةِ إِذَا لَمْ تُشَارِفِ الْمَوْتَ فَإِنْ شَارَفَتْ صَحَّتْ ذَكَاتُهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ لَا تَصِحُّ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ لما فِي الصَّحِيحَيْنِ أَن امة لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ كَانَتْ تَرْعَى غَنَمًا بِسَلْعٍ فَأَبْصَرَتْ بِشَاةٍ تَمُوتُ فَأَدْرَكَتْهَا فَذَكَّتْهَا بِحَجَرٍ فَسُئِلَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ كُلُوهَا وَفِيهِ أَرْبَعُ فَوَائِدَ ذَكَاةُ النِّسَاءِ وَبِالْحَجَرِ وَمَا أَشْرَفَ عَلَى الْمَوْتِ وَذَكَاةُ غَيْرِ الْمَالِكِ بِغَيْرِ وَكَالَةٍ وَإِذَا لَمْ يَتَحَرَّكْ مِنَ الذَّبِيحَةِ شَيْءٌ بَعْدَ الذَّبْحِ أُكِلَتْ إِنْ كَانَتْ صَحِيحَةً قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا سفح دَمُهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَكَذَلِكَ أَرَى فِي الْمَرِيضَةِ الظَّاهِرَةِ الْحَيَاةِ فَإِنْ قَرُبَتْ مِنَ الْمَوْتِ لَمْ تُؤْكَلْ إِلَّا بِدَلِيلٍ عَلَى الْحَيَاةِ عِنْدَ الذَّبْحِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَذَلِكَ اضْطِرَابُ عَيْنِهَا أَوْ ضَرْبُ يَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا أَوِ اسْتِمَاعُ نَفَسِهَا فِي جوفها وَنَحْوهَا وَإِذَا أُشْكِلَ الْأَمْرُ لَمْ تُؤْكَلْ وَالِاخْتِلَاجُ الْخَفِيفُ تَرْكُ الْأَكْلِ مَعَهُ أَحْسَنُ لِأَنَّ اللَّحْمَ يَخْتَلِجُ بَعْدَ السَّلْخِ وَخُرُوجُ الدَّمِ لَيْسَ دَلِيلًا وَحْدَهُ لِخُرُوجِهِ مِنَ الْمَيْتَةِ إِلَّا أَنْ يَخْرُجَ بِقُوَّةٍ لَا تَلِيقُ إِلَّا بِالْحَيَاةِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدَّمَاتِ فِي وَقْتِ اعْتِبَارِ عَلَامَاتِ الْحَيَاةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ بَعْدَ الذَّبْحِ مَعَهُ يَكْفِي وُجُودُهَا قَبْلَهُ.
فَرْعٌ:
قَالَ اللَّخْمِيُّ الْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَهِيَ الَّتِي تُضْرَبُ حَتَّى تَمُوتَ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ مَا مَاتَ مِنْهَا فَحَرَامٌ وَمَا لَوْ تُرِكَ لَعَاشَ يُذَكَّى وَغَيْرُ الْمَرْجُوِّ وَالَّذِي حَدَثَ بِهِ فِي مَوْضِعِ الذَّكَاةِ لم تُؤْكَل وَفِي غَيْرِهِ يُذَكَّى وَيُؤْكَلُ عِنْدَ مَالِكٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوِ انْتَثَرَتِ الْحَشْوَةُ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {إِلَّا مَا ذكيتم} بَعْدَ ذِكْرِ هَذِهِ الْأَقْسَامِ اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ لِأَنَّهُ الأَصْل وَقيل لَا يُؤْكَل لِأَنَّهُ متقطع أَيْ مِنْ غَيْرِهِنَّ لِأَنَّهُ لَوْلَا ذَلِكَ لَكَانَ قَوْله تَعَالَى {حرمت عليمن الْميتَة} يَعْنِي عَنْهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ مَنَعَ أَبُو الْوَلِيدِ جَرَيَانَ الْخلاف الَّذِي ذكره اللَّخْمِيّ إِذا كَانَ المقتل فِي غَيْرِ مَحَلِّ الذَّكَاةِ وَقَالَ الْمَذْهَبُ كُلُّهُ على الْمَنْع وَإِنَّمَا الْخلاف إِذا بلغت النَّاس بِغَيْرِ إِصَابَةِ مَقْتَلٍ وَالْمَقَاتِلُ خَمْسَةٌ انْقِطَاعُ النُّخَاعِ ونثر الدِّمَاغ وفري الأدواج وَانْثِقَابُ الْمُصْرَانِ وَنَثْرُ الْحَشْوَةِ وَفِي الْبَيَانِ اخْتُلِفَ فِي دق الْعُنُق مِنْ غَيْرِ قِطْعِ الْأَوْدَاجِ فَلَمْ يَرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مَقْتَلًا وَفِي خَرْقِ الْأَوْدَاجِ مِنْ غَيْرِ قِطْعِ الْأَوْدَاجِ فَلَمْ يَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَقِيلَ مَقْتَلٌ وَمَعْنَى قَوْلِهِ أَنَّ خَرْقَ الْمُصْرَانِ مَقْتَلٌ إِذَا كَانَ فِي مَجْرَى الطَّعَامِ قَبْلَ كَوْنِهِ رَجِيعًا أَمَّا حَيْثُ يَكُونُ رَجِيعًا فَلَيْسَ مَقْتَلًا لِأَنَّ الْغِذَاءَ مَحْفُوظٌ عَنِ الْجَسَدِ وَقَدْ وَجَدْنَا مَنْ يَعِيشُ مِنْ بَنِي آدَمَ وَالدَّوَابِّ من هُوَ كَذَلِكَ وَلِذَلِكَ سُقِيَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اللَّبَنَ فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ مَجْرَى الطَّعَامِ قِيلَ لَهُ أَوْصِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِذَلِكَ تُؤْكَلُ الْبَهِيمَةُ إِذَا ذُكِّيَتْ فَوُجِدَتْ مَثْقُوبَةَ الْكَرِشِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْفَرْثِ وَأَمَّا إِذَا شَقَّ الْجَوْفَ فَلَا تُذَكَّى وَلَا تُؤْكَلُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ إِلَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الَّذِي يُنْفِذُ مَقَاتِلَ رَجُلٍ ثُمَّ يُجْهِزُ عَلَيْهِ آخَرُ يُقْتَلُ بِهِ الثَّانِي وَيُعَاقَبُ الْأَوَّلُ قَالَ فِي الْمُقَدَّمَاتِ وَالصَّوَابُ رِوَايَةُ سَحْنُونٍ عَنْهُ أَنَّ الْأَوَّلَ يُقْتَلُ بِهِ وَيُعَاقَبُ الثَّانِي قَالَ فِي الْبَيَانِ وَفِي الْمُنْخَنِقَةِ وَأَخَوَاتِهَا إِذَا سَلِمَتْ مَقَاتِلُهَا أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا التَّفْرِقَةُ بَين الميؤس مِنْهُ فَيَمْتَنِعُ وَبَيْنَ الْمَرْجُوِّ فَيَجُوزُ وَجَعَلَهَا ابْنُ الْقَاسِم بِخِلَاف الْمَرِيضَة الميؤسة وَالْجَوَازُ مُطْلَقًا لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَالْمَنْعُ مُطْلَقًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ.
فَرْعٌ:
قَالَ اللَّخْمِيُّ الْجَنِينُ إِذَا لَمْ تَجْرِ فِيهِ حَيَاةٌ لَمْ تَنْفَعْ فِيهِ ذَكَاةُ أُمِّهِ وَلَا يُؤْكَلُ وَإِذَا جَرَتْ فِيهِ الْحَيَاةُ وَعَلَامَتُهُ عِنْدَنَا كَمَالُ الْخَلْقِ وَنَبَاتُ الشَّعَرِ فَإِنْ ذُكِّيَتِ الْأُمُّ وَخَرَجَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ عَلَى الْفَوْرِ كَرِهَهُ مُحَمَّدٌ وَحَرَّمَهُ ابْنُ الْجَلَّابِ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَإِنِ اسْتَهَلَّ صَارِخًا انْفَرَدَ بِحُكْمِ نَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ تُذَكَّ الْأُمُّ وَأَلْقَتْهُ مَيِّتًا لَمْ يُؤْكَلْ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ حَيًّا حَيَاةً لَا يَعِيشُ مَعَهَا عُلِمَ ذَلِكَ أَوْ شُكَّ فِيهِ وَإِنْ ذُكِّيَتِ الْأُمُّ فَخَرَجَ مَيِّتًا فَذَكَاتُهَا ذَكَاتُهُ وَقَالَهُ ش خِلَافًا لِ ح وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي أَبِي دَاوُدَ ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ يُرْوَى بِرَفْعِ الذَّكَاتَيْنِ وَهُوَ الْأَصَحُّ الْكَثِيرُ وَبِنَصْبِ الثَّانِيَةِ وَرَفْعِ الأولى فعلى الرَّفْعِ يَحِلُّ بِذَكَاةِ أُمِّهِ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْمُبْتَدَأ يجب انحصاره فِي الْخَبَر وَمِنْه تَحْرِيمهَا التَّكْبِير وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ أَيْ ذَكَاتُهُ مَحْصُورَةٌ فِي ذَكَاةِ أُمِّهِ فَلَا يُحْتَاجُ لِغَيْرِهَا وَعَلَى النَّصْبِ مَعْنَاهُ ذَكَاةُ الْجَنِينِ أَنْ يُذَكَّى ذَكَاةً مِثْلَ ذَكَاةِ أمه ثمَّ حدف مِثْلُ وَمَا قَبْلَهُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إِلَيْهِ مَقَامَ الْمُضَافِ فَيَفْتَقِرُ الْجَنِينُ إِلَى الذَّكَاةِ وَعَلَيْهِ أَسْئِلَةٌ أَحَدُهَا:
أَنَّهُ شَاذٌّ.
الثَّانِي: أَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى إِضْمَارٍ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ.
الثَّالِثُ:
أَنَّ مَعْنَاهُ ذَكَاةُ الْجَنِينِ فِي ذَكَاةِ أُمِّهِ ثُمَّ حُذِفَ حَرْفُ الْجَرِّ فَنُصِبَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلا} الْأَعْرَاف 155 أَيْ مِنْ قَوْمِهِ وَهَذَا أَوْلَى لِقِلَّةِ الْإِضْمَارِ وَاتِّفَاقِهِ مَعَ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَإِلَّا نَقَضَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا الْأُخْرَى وَالْحَدِيثُ مُخَالِفٌ لِلْأُصُولِ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ بِمَوْتِ الْأُمِّ فَإِنَّمَا مَاتَ خَنْقًا.

فرع:
قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الدَّابَّةُ الَّتِي لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهَا بِطُولِ مَرَضِهَا أَوْ تَتْعَبُ عَنِ السَّيْرِ فِي أَرْضٍ لَا عَلَفَ فِيهَا ذَبْحُهَا أَوْلَى مِنْ بَقَائِهَا تَتَعَذَّبُ وَقِيلَ تعقر لَيْلًا يُغَرَّ النَّاسُ بِذَبْحِهَا عَلَى أَكْلِهَا وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ لَا تُذْبَحُ وَلَا تُعْقَرُ لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَام عَن تَعْذِيب الْحَيَوَان لعير مأكله.
تَفْرِيعٌ:
قَالَ لَوْ تَرَكَهَا فَأَعْلَفَهَا غَيْرُهُ ثُمَّ وَجَدَهَا قَالَ مَالِكٌ هُوَ أَحَقُّ بِهَا لِأَنَّهُ تَرَكَهَا مُضْطَرًّا كَالْمُكْرَهِ وَيُعْطِيهِ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا وَقيل هِيَ لعالفها إِعْرَاض الْمَالِكِ عَنْهَا.

.النَّظَرُ الثَّالِثُ فِي الْمُذَكَّى بِهِ:

وَفِي الْكِتَابِ يَجُوزُ بِالْحَجَرِ وَالْعُودِ وَالْعَظْمِ قَالَ اللَّخْمِيُّ الذَّكَاةُ جَائِزَةٌ بِكُلِّ مُجْهِزٍ مِنْ حَدِيدٍ أَو قصب أَو زجاج لما فِي الصحيحن عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفْرَ وَسَأُخْبِرُكَ عَنْهُمَا أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ وَأَمَّا الظُّفْرُ فمدى الْحَبَشَة مَعْنَاهُ عظم يرض وَلَا بفري وَالظُّفْرُ يَخْنُقُ وَلَا يَذْبَحُ أَوْ يَكُونُ ذِكْرُ الْحَبَشَةِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ مِنْ شِعَارِ الْكُفَّارِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ بَابِ النَّهْيِ عَنْ زِيِّ الْأَعَاجِمِ قَالَ وَفِي الْعَظْمِ وَالسِّنِّ وَالظُّفْرِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ أَجَازَ مَالِكٌ وَابْنُ حَنْبَلٍ الْعَظْمَ وَالظُّفْرَ ومنعهما ابْن حبيب وح إِذَا كَانَا مُرَكَّبَيْنِ وَجَوَّزَا الْمَنْزُوعَيْنِ إِنْ أَمْكَنَ الذَّبْحُ بِهِمَا لِكِبَرِهِمَا وَكُرِهَ السِّنُّ وَأُبِيحَ الْعَظْمُ وَمَنَعَ ش الثَّلَاثَةَ حَتَّى لَوْ عُمِلَ الْعَظْمُ نِشَابًا لَأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي الْحَدِيثِ وَرَدَ مُطْلَقًا وَجَوَابُهُ أَنَّهُ مُعَلَّلٌ بِمَا سَبَقَ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُذَكَّى بِغَيْرِ الْحَدِيدِ إِلَّا عِنْد عَدمه لقَوْله عَلَيْهِ فِي مُسْلِمٍ إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَ وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ مُدْيَتَهُ وَلْيُرِحْ ذَبِيحَته.